أدعية الطواف والسعي في العمرة
يُعد الطواف والسعي من أهم مناسك العمرة التي يؤديها الحاج أو المعتمر بقلوب عامرة بالإيمان والتوجه الخالص إلى الله تعالى. ويُعتبر الطواف حول الكعبة المشرفة والسعي بين الصفا والمروة من الأفعال التي يحمل أداؤها معانٍ روحية عظيمة، تعبر عن محبة العبد لخالقه، ورغبته في التقرب إليه، وتجديد العهد معه. لذلك كان للأدعية في هذه المناسك أهمية كبيرة، حيث تزيد من خشوع القلوب، وتقوي الروابط الروحية، وتدخل الطمأنينة في النفوس أثناء أداء الشعيرة.
مفهوم الطواف والسعي في العمرة
الطواف هو الدوران سبعة أشواط حول الكعبة المشرفة، وهو ركن أساسي من أركان العمرة، يرمز إلى استحضار الطاعة والخضوع لله، إذ يتحرك المعتمر مستديراً حول بيت الله الحرام وهو متوجّه بكيانه وقلبه إلى الله وحده.
أما السعي فهو المشي أو الركض الخفيف بين جبلَي الصفا والمروة سبعة أشواط، وهو ذكر لقصة السيدة هاجر عليها السلام عندما كانت تبحث عن ماء لابنها إسماعيل عليه السلام. فالسعي يحوي رمزية الصبر والاعتماد على الله في الأوقات العصيبة، وهو أيضاً فرض من فروض العمرة.
يبدأ السعي من الصفا وينتهي بالمروة، ويعد طُهر النفس والتضرع إلى الله أحد الأهداف الروحية الأساسية من هذا المَنَسَك.
أهمية الدعاء أثناء الطواف والسعي
الدعاء في العمرة، ولا سيما أثناء الطواف والسعي، هو حالة من الاتصال المباشر بين العبد وربه، حيث يُباح للمعتمر أن يسأل الله حاجاته، ويرجو رحمته، ويعبر عن استغفاره، ويتضرع إليه بخشوع.
فالله سبحانه وتعالى أمر المؤمنين بالدعاء في كل حين، وجعل له منزلة عظيمة، قال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60].
في مناسك العمرة، يرتفع الدعاء بقلوب المصلين ويزيد أثره لأنهم في مكان مقدس ومهيب، وكما أن الطواف والسعي هما أفعال تعبّدية، فإن الدعاء فيهما يكسب أجرًا عظيمًا ويحقق القرب من الله.
أدعية الطواف
في الطواف، يبدأ المعتمر الطواف بالكعبة ويُسن أن يكون الطواف في اتجاه يمين المعتمر، مع التوجه القلبي والنية الصادقة. وقد ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أدعية وأذكار يرددها في الطواف، ويمكن للمعتمر أن يدعو بأي دعاء من الأدعية المأثورة أو دعاء من القلب حسب حاجته.
أدعية مأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الطواف:
-
عند بدء الطواف (لبّى الله أكبر):
“بسم الله، والله أكبر، اللهم إني أعوذ بك من الشر كله، ومن شر نفسي، ومن شر الشيطان وشركه.”
-
أثناء الطواف:
“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.”
[سورة البقرة: 201]
“اللهم زد هذا البيت تشريفاً وتعظيماً، واجعله آمناً مطمئناً.”
-
عند الركن اليماني:
“اللهم بارك لنا في هذا البيت، واجعله لنا قبلة ورحمة وهدى.”
-
في كل شوط من الطواف:
يُسن للمطوف أن يدعو بأي ما يشاء من الخير لنفسه ولأهله وللمسلمين جميعًا، مثل:
“اللهم اغفر لي وارحمني وتقبل مني.”
“اللهم اجعل هذا الطواف لي ذخراً يوم القيامة.”
-
عند الانتهاء من الطواف:
يُستحب أن يصلي خلف مقام إبراهيم عليه السلام ركعتين، ويدعو في صلاته، ومن أدعية الصلاة:
“اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين.”
أدعية السعي بين الصفا والمروة
بعد الانتهاء من الطواف، يبدأ المعتمر السعي بين الصفا والمروة سبعة أشواط، وهو فعل تعبدي له أجر عظيم. الأدعية في هذا الركن تحمل مشاعر رجاء وأمل بالله في تحقيق المراد، وكذلك تذكير بقصة السيدة هاجر وإصرارها على طلب الرزق من الله.
أدعية مأثورة في السعي:
-
عند بداية السعي من الصفا:
“إن الصفا والمروة من شعائر الله، فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما.” [سورة البقرة: 158]
-
أثناء السعي:
يمكن للمعتمر أن يردد الأدعية التالية:
“رب اغفر وارحم وتجاوز عن سيئاتي.”
“اللهم اجعل سعيي هذا مقبولاً، واغفر لي ذنوبي.”
“اللهم ارزقني الخير في الدنيا والآخرة.”
“اللهم اجعلني من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.”
-
عند الوصول إلى المروة في نهاية السعي:
يستحب أن يرفع يديه بالدعاء ويقول:
“اللهم إني أسألك رضاك والجنة، وأعوذ بك من سخطك والنار.”
جداول تلخص أهم الأدعية في الطواف والسعي
| المناسك | الأدعية الرئيسية | فضائل الدعاء |
|---|---|---|
| الطواف | – بسم الله والله أكبر – ربنا آتنا في الدنيا حسنة وآخرة حسنة – الدعاء الشخصي |
القرب من الله، مغفرة الذنوب، تقوية الإيمان |
| الركن اليماني | – اللهم بارك لنا في هذا البيت | البركة في الطواف والقبول |
| الصلاة خلف مقام إبراهيم | – اللهم اجعلني من التوابين والمتطهرين | قبول الأعمال والتوبة |
| السعي | – إن الصفا والمروة من شعائر الله – اللهم اغفر وارحم – اللهم اجعل سعيي مقبولاً |
الثواب العظيم، تذكير بالصبر والاعتماد على الله |
شروط وأحكام أدعية الطواف والسعي
-
لا يُشترط في الدعاء أن يكون بصيغة معينة، بل يكفي أن يكون بقلب صادق، وبلغته التي يفهمها، والنية المخلصة.
-
يُفضل الابتعاد عن رفع الصوت أو الإزعاج للآخرين أثناء الطواف والسعي حفاظًا على خشوع الجميع.
-
يستحب أن يتبع المعتمر الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم إن تيسر له ذلك، لأنها أذكار ثابتة تحمل بركة خاصة.
-
الدعاء في الأوقات التي يكون فيها القلب حاضرًا وخاشعًا يزيد من أثره وراحته النفسية.
-
ينبغي تجنب الدعاء بكلمات لا تفهمها أو تحوي نوعًا من التمتمة غير المفهومة لأن الذكر يجب أن يكون مفهوماً.
أثر الدعاء في نفوس المعتمرين
يُشعر الدعاء أثناء الطواف والسعي الإنسان بالطمأنينة والسكينة، ويمنحه القوة على الاستمرار في أداء المناسك بكل خشوع ويقين. ويجعل العلاقة بين العبد وربه علاقة حب وتذلل، حيث يشعر المعتمر أنه يرفع روحه وأمانيه إلى رب رحيم يسمع دعاءه ويستجيب له.
إن الدعاء هو الطريق الذي يعبّد القلب ويهيئه لقبول النعم الربانية التي ينشدها المؤمن في حياته، خاصة في مكان مقدس مثل مكة المكرمة، حيث تقوى الروح وتصفو النفوس.
الخاتمة
أدعية الطواف والسعي في العمرة ليست مجرد كلمات تقال، بل هي تعبير عميق عن القرب من الله، والرجاء في رحمته، وطلب المغفرة والهداية. ويُعد التضرع لله في هذين الركنين من أهم ما يميز مناسك العمرة، حيث يجتمع الجسد والروح في حالة من التعبد الخالص والتوجه القلبي لله سبحانه وتعالى.
من خلال الالتزام بالأدعية المأثورة ورفع الدعاء من القلب بصدق، يستطيع المعتمر أن يحقق أسمى معاني العبادة والارتباط الإيماني، فتكون العمرة تجربة روحية غنية، تحمل في طياتها البركة والسكينة وتفتح أبواب المغفرة والرحمة.
المصادر والمراجع:
-
القرآن الكريم.
-
صحيح البخاري ومسلم، كتب الأذكار والادعية في الحج والعمرة.
